responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 395
الْبَرَاذِينُ تَزَفُّ [1] بِهِمْ بِبَطْنِ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مَنَازِلهمْ، وَجَدُوا الْمَلَائِكَةَ قُعُودًا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَنْتَظِرُونَهُمْ لِيَزُورُوهُمْ وَيُصَافِحُوهُمْ وَيُهَنِّئُوهُمْ كَرَامَةَ رَبِّهِمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا قُصُورَهُمْ وَجَدُوا فِيهَا جَمِيعَ مَا تَطَاوَلَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَأَلُوا وَتَمَنَّوْا، وَإِذَا عَلَى بَابٍ كَلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ أَرْبَعَةُ جِنَانٍ: جَنَّتَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ، وَجَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ، وَفِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ، وَفِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، وَحُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، فلما تبوءوا مَنَازِلَهُمْ وَاسْتَقَرُّوا قَرَارَهُمْ، قَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟.
قَالُوا: نَعَمْ وَرَبِّنَا. قَالَ: هَلْ رَضِيتُمْ ثَوَابَ رَبِّكُمْ؟ قَالُوا: رَبَّنَا رَضِينَا فَارْضَ عَنَّا. قَالَ:
بِرِضَايَ عَنْكُمْ حَلَلْتُمْ دَارِي، وَنَظَرْتُمْ إِلَى وجهي، وصافحتكم ملائكتي، فهنيئا لكم، عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لَيْسَ فِيهِ تَنْغِيصٌ وَلَا تَصْرِيدٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ، وَأَدْخَلَنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ، لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ، وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ، إِنَّ رَبَّنَا لِغَفُورٌ شَكُورٌ، وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ، وَأَثَرٌ عَجِيبٌ، وَلِبَعْضِهِ شَوَاهِدُ.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تعالى يقول لذلك الرجل يَكُونُ آخَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: تَمَنَّ مِنْ كَذَا، وَتَمَنَّ مِنْ كَذَا، يُذَكِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ذَلِكَ لَكَ وَعَشْرَةُ أَمْثَالِهِ [2] .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وجنكم قاموا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا إِلَّا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر» [3] . الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا طُوبَى، لَهَا ضُرُوعٌ كُلُّهَا تُرْضِعُ صِبْيَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ سَقْطَ الْمَرْأَةِ يَكُونُ فِي نَهْرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَتَقَلَّبُ فِيهِ حَتَّى تَقُومَ الْقِيَامَةُ، فَيُبْعَثُ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

[سورة الرعد (13) : آية 30]
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (30)
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا أرسلناك يا محمد في هذه الأمة لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي تبلغهم رِسَالَةَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، كَذَلِكَ أَرْسَلْنَا فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْكَافِرَةِ بِاللَّهِ، وَقَدْ كُذِّبَ الرُّسُلُ مِنْ قبلك بِهِمْ أُسْوَةٌ، وَكَمَا أَوْقَعْنَا بَأْسَنَا وَنِقْمَتَنَا بِأُولَئِكَ، فَلْيَحْذَرْ هَؤُلَاءِ مِنْ حُلُولِ النِّقَمِ بِهِمْ، فَإِنَّ تَكْذِيبَهُمْ لَكَ أَشَدُّ مِنْ تَكْذِيبِ غَيْرِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ

[1] تزفّ بهم: أي تسرع بهم.
[2] أخرجه البخاري في الرقاق باب 52، ومسلم في الإيمان حديث 299، 301، 309.
[3] أخرجه مسلم في البر حديث 55، وأحمد في المسند 5/ 160.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست